كانت شركة (باتك فيليب) على حق عندما توقفت عن إنتاج ساعة (نوتيلوس5711)
بقلم \ إريّل آدامز
إن الأنباء التي تُفيد بأن ساعةً ما لم تَعُد تُصنَع لا تُثير الكثير من الصخب في العادة ولكن في حالة ساعة (نوتيلوس5711) من شركة (باتك فيليب) فقد سبب الأمرُ صخباً حقيقياً (نظرة شاملة في مدونة A Blog to Watch من هنا ) ، فمنذ أن أعلنت شركة (باتك فيليب) في وقتٍ مبكر من عام 2021 بأنها ستتوقف عن إنتاج ساعتها المشهورة من الفولاذ التي طال انتظارها لعقدٍ من الزمن أصبح جماعة هُواة الساعات لا يفكرون أو يتناقشون في شيءٍ اخر سواها ، إن ايقاف إنتاج الطراز القديم من ساعة (باتك فيليب) هو أمرٌ يصعب ملاحظته ، ما هو جديرٌ بالملاحظة هو أنه كيف كانت الحياة بالنسبة لـ(ساعة 5711 ) قبل أسابيع فقط من إعلان الشركة بأنها ستتوقف عن إنتاج ساعات جديدة من فئتها ، دعونا نبدأ ببعض ظروف صناعة الساعات الفاخرة
لقد تسبب الوباء في إحداث الفوضى في احتياجات التخطيط طويلة الأجل التي يتطلبها تصنيع الساعات حتى يكون ناجحاً ، و قد تعزز الركود في مبيعات التجزئة التقليدية بفضل الطلبات الالكترونية الغزيرة الآن لكن صناعة الساعات الرجالية لا تزال في الغالب شأنًا واقعيًا عندما يتعلق الأمر بالقيمة التجارية العالمية ، إن الصناعة الصغيرة الخاصة بي تنتظر انتهاء الوباء بهدوءٍ في الغالب و لكن حدثت أمور غريبة أثناء فترات الضغوط الاقتصادية مثل أن بعض الماركات و الموجودات قد ارتفعت قيمتها بسرعة هائلة بينما في نفس الوقت أغلب المنتجات الأخرى في هذه الفئة انخفضت قيمتها ، هذا يعني أنه في حين كان الطلب كبير على منتجات معينة مثل ساعة (باتك فيليب 5711 ) فإن توافر ساعات فاخرة أخرى ذات وظائف واستخدامات مماثلة موجودٌ بكميات وفيرة في نفس الوقت ما يعنيه هذا هو أن الناس يدفعون علِاوة على ساعة (باتك فيليب 5711 ) وذلك ليس بسبب ميزتها التنافسية كساعة يد ولكن بسبب الغبطة الذي تثيرها في نفوس الآخرين وبسبب قدرتها النادرة في كثير من الأحيان على أن تباع في السوق الثانوية بقيمة أكبر من قيمة البيع بالتجزئة .

أن ما لا يزال بإمكان صناعة الساعات أن تصنعه هو المنتجات المرغوبة للغاية والتي يمكن أن تصبح في العصر الحديث شائعة في جميع أنحاء العالم في نفس الوقت تماماً (بفضل شيوع تأثيرات شبكة وسائل التواصل الاجتماعي) ، يمكن أن يكون جمع الساعات حرفة عصرية للغاية بالنسبة للكثيرين مما يؤدي إلى اتباع عددٍ لا بأس به من المشاركين لسلوكٍ استهلاكيّ انقيادي و لجعل الجزء الاجتماعي من تجربة التجميع مُشوِّقاً علينا مشاهدة الهُواة الذين يتفاعلون بشكل متكرر مع بعضهم البعض (الجميع على انستغرام على سبيل المثال) غالبًا ما يحبون التباهي بأناقتهم (وفي بعض الأحيان بثروتهم ) من خلال إظهار أنهم يرتدون المنتجات التي يتحدث عنها الناس بكثرة والمنتجات الجديدة .
و في الوقت ذاته قام اقتصاد الأصول الاستثمارية الذي يعاني من الكساد باستهداف الساعات الفاخرة كنوع من الاستثمار البديل لسوق الأوراق المالية أو غيرها من وسائل المستثمرين التقليدية (وهو موضوع تمت مناقشته بإسهاب في مدونة A Blog to Watch هنا) ، و قد تشكلت صناعة محلية للساعات ممولة تمويلًا جيدًا بناءً على رغبة الأشخاص الذين يمتلكون نقوداً (خاصة بهم أو بغيرهم) في إنفاقها على الساعات الفاخرة – و قد تم الترويج لهذه الصناعة (ولكنها لم تكن واعدة ) باعتبار الساعات أصولاً من المحتمل أن تزيد قيمتها ، الفكرة هي أنكم إذا أنفقتم الكثير من المال على ساعة نادرة اليوم فهذا مقبول لأن شخصًا ما غدًا سيكون أكثر يأسًا منكم وسينتهي به الأمر إلى إنفاق المزيد من الأموال عليها ، و أضافت فكرة الاستثمار في الساعات نكهة جديدة إلى حرفة جمع الساعات على مدار السنوات القليلة الماضية ، حيث رأينا المشترين القدامى للنبيذ والفنون الجميلة يرون أن التحمس بشأن الساعات سيكون الشيء الذي سيحقق أقصى حدود للربح ويتضمن السلوك الذي أتحدث عنه بيع الساعات ولكنه مرتبط بشكل عرضي بالسعي وراء ارتداء ساعة جيدة لأنكم تُقدر الأدوات الرفيعة المصنعة بدقة .

وجدت شركة (باتك فيليب) نفسها وسط مجتمعات المشترين المتنوعة هذه لعدد من السنوات حتى الآن ، وبصفتها شركة ثرية ومستقرة فهي تملك رفاهية أن تفعل ما تشاء وغالبًا ما تُبدي موقفًا متعجرفًا إذ أنها تُظهر تركيزًا عميقًا على صنع ساعات تقليدية فائقة الدقة ، و هذه الشخصية و هذا الطابع قد اكسبَ الشركات صانعة الساعات السويسرية الهيبة في العديد في الأوساط الراقية.
و قد درجت شركة (باتك فيليب) على الاستفادة من هذه الشهرة إلى أقصى الحدود من خلال بيع الساعات اليدوية المدهشة و الكنوز الفخمة المُرصعة بالجواهر لصفوة الزبائن ( عادة عند الطلب) ، ثم أن شيئاً غريباً بدأ يحدث و يبدو أن بعضاً من كبار زبائن شركة (باتك فيليب) مهتمون للغاية بساعةٍ ذات سواراً فولاذياً يُحتفى بها في الغالب بسبب تصميمها المميز و جودة صقلها ، و كان لارتباط الساعة الضعيف بالرياضة و افتقارها النسبي إلى البهرجة تأثيراً مثيراً للسخرية مما أدى إلى جعل ساعة (نوتيلوس5711) الساعة التي لابد من امتلاكها و منذ ذلك الحين لم يتوقف الناس أبداً عن البحث عن فئة ساعة (نوتيلوس5711) بِنَهَم بمجرد أن أصبحت تحظى بشعبية .
أحد الأسباب الجيدة لهذه الشعبية هو أن شركة (باتك فيليب) لم تكن قادرة حقًا على تلبية الطلب على ساعة (نوتيلوس5711) الذي حدده العالم ونوعًا ما يعمل هذا الطلب دائمًا على عجز في الإنتاج ، هذه الندرة تضاف إلى جاذبية المنتج فقط ، والسبب الثاني لهذه الشعبية الكبيرة مرتبط بمكانة شركة (باتك فيليب) التي تم التباهي بها باعتبارها من بين صانعي الساعات القلائل الذين يصنعون منتجًا واحدًا على الأقل يمكن أن تزيد قيمته بعد بيعه في الأصل ، و نمت شعبية ساعة (نوتيلوس5711) بعد أن كان من الصعب الحصول عليها بالفعل بسبب الكيفية التي بدأت بها أسعار السوق الثانوية في الخروج عن نطاق السيطرة ، وبالتالي عملت ندرة المنتج الأصلي وحجم الإنتاج المنخفض على تغذية دورة شعبية الساعة التي شهدت ارتفاعًا تدريجيًا في أسعار السوق الثانوية .

و أدى تَعطُّش مجتمع المستثمرين للساعات التي تحتفظ بقيمتها المقترن برواج ساعة (نوتيلوس5711) في مجتمع يميل بشدة إلى التصرف بأسلوبٍ عصريّ و ارتداء الساعات الشهيرة إلى تضخم أسعار ساعة (نوتيلوس5711) بشكلٍ سريع ، و من المفارقات أن آخر ما فعلَتهُ شركة (باتك فيليب) مع ساعة (نوتيلوس5711) أنها قامت بزيادة سعر التجزئة الخاص بالساعة بشكلٍ كبير إلى حوالي ثلاثين ألف دولار أمريكي ، و بعد فترة وجيزة تم إيقاف إنتاج الإصدار 5711 من فئة الساعة هل كان هذا مُخططاً له ؟ غيرُ محتمل على الأقل ليس عندما أصبح السعر الزائد المذكور أعلاهُ نافذاً .

و نري أنه كان من المقرر أن يتم سحب ساعة (نوتيلوس) قريباً على أيّةِ حال ، و تقوم شركة (باتك فيليب) بإنتاج الجيل نفسه من ساعة (نوتيلوس) لمدة خمسة عشر عاماً و هي فترة طويلة إلى حدٍ ما بالنسبة لجيلٍ من منتجات ساعات اليد ، و قد أعادت الشركة طرح (ساعة 5711) مرة أخرى في عام 2006 م و لا تزال الساعة قادرة على المنافسة في عدد من المجالات و لكنها مُتخلفة عن أحدث المواد و الابتكارات التي تحظى بهما ساعات (باتك فيليب) ، كانت صدمة إيقاف إنتاج (ساعة 5711) مرتبطة في الغالب بحقيقة أنه حتى تلك الساعة المستعملة منها يمكن أن تُباع بضعف سعر التجزئة ، وفي وقت كتابة هذه المقالة كان عدد القوائم الخاصة بساعة (نوتيلوسA1-5711) ذات المينا الأزرق على موقع eBay تتجاوز قيمتها في المتوسط مئة ألف دولار أمريكي ، و هذا أكثر من ثلاثة أضعاف سعر التجزئة بالنسبة لساعة فولاذية بسيطة نسبياً ذات محرك اوتوماتيكي للوقت والتاريخ ( و إن كانت مصنوعة بشكلٍ جيد و ذات تصميم كلاسيكي قام بتصميمه ( جيرالد جينتا) ، يا لها من أشياءٍ لا تُصدق و ملفتة للنظر بالتأكيد عندما يتعلق الأمر بالتعرف على أداء أضخم سوق لساعات اليد الفاخرة .

و بصرف النظر عن كون ساعة (نوتيلوس5711) مُنتَجاً عتيقاً بكل فخر فقد كان لدى إدارة شركة (باتك فيليب) سبباً وجيهاً لوقف إنتاج هذه الأسطورة – باختصار لأنها خلقت فقاعة وهمية غير مستقر ، إن أحد التأثيرات الواضحة لامتلاك إحدى طُرُز المنتج الخاص بالشركة لشعبية مُفرِطة هو أن المستهلكين بدوءا يتوقعون أن منتجات الشركة تحتفظ بنفس سعرها ( أو يزيد سعرها) ، وهذا ببساطة ليس عمليًا ولا يُتوقَع من أي شركة (ولا حتى شركة سويسري عريقة صانعة للساعات) أن تنتج منتجات بيع بالتجزئة ترتفع قيمتها بشكلٍ روتيني بعد شرائها في الأصل ، و لا تستفيد الشركة شيئاً من وجود مستهلكين لديهم توقعات غير معقولة حول كيفية سلوك منتجاتهم في سوق المنتجات المستعملة ، و تحقق شركة (باتك فيليب) أرباحاً كاملة عندما يشتري المستهلكون أشيائهم بسعر التجزئة ، وإن أي مبالغ يتم إنفاقها و تفوق سعر التجزئة في السوق لا تحقق الشركة منها أرباحاً بشكلٍ مباشر .
و بناءً على ذلك قررت الشركة إيقاف إنتاج ساعة (نوتيلوس) لأنها تعلم أن شعبية الساعة كانت فقاعة وهمية و أنه من خلال تغذية نموها ستساهم الشركة في الضرر الناجم عن الانفجار المتحمل لهذه الفقاعة ، إن هذا تفكيرٌ طويل المدى في صناعة الساعات وهي في أفضل حالاتها ، وربما يكون قرارًا يسهُل اتخاذه فقط في شركة يديرها القطاع الخاص مثل (باتك فيليب) .

و لم تكن شركة (باتك فيليب) قاسية بشأن قرارها بإيقاف إنتاج فئة ساعة (نوتيلوس) و أفاد زملاؤنا في (WatchPro) أن الشركة ستستبدل ساعة (نوتيلوس 5711) بمنتج من الجيل القادم حيث وعد رئيس الشركة ( ثيري ستيرن) بأن المنتج سيكون أفضل في كل شيء ، و يتكهن الكثيرون أن المنتج القادم سَيُطلق عليه اسم (نوتيلوس 6711) ومن المتحمل أن يكون المنتج ذو هيكل ومينا مُحسَّنان بالإضافة إلى جيل جديد من المحرك الاوتوماتيكي داخلي الصُنع ، و لن تبيع الشركة في المستقبل القريب إلا ساعات (نوتيلوس 6711) لعام 2021 وما بعده مباشرةً في متاجر العلامة التجارية الخاصة بها ، وهذا ظاهريًا للمساعدة في منع “مشكلة السوق الموازية” حيث يتم إرسال الساعات التي كان من المفترض أن يرتديها المستهلكون لإعادة بيعها بأسعار أعلى .
و لا شك في أنه حتى لو انفجرت فقاعة ساعة (نوتيلوس 5711) فلن ينخفض سعرها على الفور فسيتذكر هواة جمع الساعات والمستثمرون المحتملون حكايات ساعة نوتيلوس البالغة قيمتها 100000 دولار لسنوات قادمة ، و سيكون لتأثير الهالة الذي تركته هذه السمعة على ماركة ساعات شركة ( باتك فيليب) قيمة دائمة لبضع سنوات على الأقل .

إن التوصية الدائمة من فريق ( A Blog to Watch) هي أن هناك الكثير من الساعات المتاحة التي يمكن لأي شخص أن ينفق لشرائها أكثر سعر التجزئة ، و بعبارة أخرى لا يمكننا التغاضي عن ممارسة الإنفاق أكثر من سعر التجزئة على الساعة ما لم يكن لديكم شيءٌ ما حقًا وكنتم مرتاحين تمامًا للتخلي عن كل هذه الأموال مقابل شرف امتلاكها .
ومع ذلك فإن حقيقة مطالبة بعض الناس بصخب لامتلاك أو طلب ساعات سترتفع أسعارها في السوق يجلب الاهتمام اللازم إلى ساحة ساعات اليد الفاخرة ولمواد الاحتفال كالساعات خلال لحظة اقتصادية صعبة بخلاف ذلك (بسبب الوباء) ، و اتخذت شركة ( باتك فيليب) القرارات الصحيحة تمامًا لإنهاء إنتاج ساعة عتيقة حتى لو كان بإمكانها إنتاجها لمدة 15 عامًا أخرى دون بذل الكثير من الجهد ، وكان تبني الشركة لنهجًا طويل الأجل يقوم على إغراق السوق بالكثير من المنتجات مع السماح أيضًا بنمو فقاعة خطيرة فكرةٌ سيئة ، ويمكن للكثير من الأفراد الآخرين في صناعة الساعات التعلم من الشُغل العملي للشركة ، و يتساءل المضاربون بالفعل عما ما إذا كان الطلب سيكون مرتفعاً على ساعة (نوتيلوس 6711) كما كان مرتفعاً على سابقتها .